lundi 18 mars 2013

كيف ترتبط نظريات الاوتار الفائقة مع بعضها البعض؟



في زمن من الازمان , اعتقد اصحاب نظريات الاوتار الفائقة بأن هنالك 5 نظريات مختلفة من النظريات الفائقة :

النمط I , والانماط IIA و IIB , بالاضافة إلى نظريتين هجينتين عن الاوتار الفائقة two heteronic string theories.

كان التفكير السائد بأن ضمن هذه النظريات الخمس المرشحة, يوجد فقط نظرية فعلية صحيحة لكل شيء Theory of Everything, مع ابعاد( زمانية- مكانية) مضغوطة ليصل عددها إلى 4 ابعاد, وتطابق هذه النظرية المزعومة الملاحظات الفيزيائية في عالمنا الحالي.

أما فيما يتعلق بالنظريات الاخرى فإنها ستمثل النظريات المرفوضة حول الاوتار الفائقة, وبالتالي فإن تركيباتها الرياضية ليست متوافقة مع طبيعة الوجود.

ولكن قد تبين الآن بأن هذه الصورة الساذجة كانت مغلوطة , وإن كل من النظريات الخمس الخاصة بالاوتار الفائقة مرتبطة مع بعضها البعض كما لو ان كل واحدة من هذه النظريات تمثل حالة خاصة من النظرية الأساسية, والتي لا يوجد غيرها.


تترابط هذه النظريات عبر تحويلات , وتدعى هذه التحويلات بالثنائيات dualities.

عندما يكون هنالك نظريتان مرتبطتان مع بعضهما البعض عبر تحويل ثنائية , فهذا يعني بأن يمكن تحويل النظرية الأولى بطريقة ما لتنتهي إلى شكل يبدوا مشابه تماما للنظرية الثانية. عندها يقال عن النظريتان بأن كل واحدة منهما ثنائية dual للنظرية الاخرى, وذلك ضمن اطار ذاك النوع من التحويل.

تربط ايضا هذه الثنائيات الكميات quantities والتي كان يعتقد ايضا بانها منفصلة.

مقاييس الابعاد الصغيرة والكبيرة, القوى القوية والضعيفة – هذه الكميات التي ابدت سلوكيات محدودة ضمن النظام الفيزيائي, في كل من نظرية الحقل الكلاسيكي classical field theory , وفيزياء الكم للجزيئات quantum particle physics.

ولكن تكمن المشكلة في ان الاوتار يمكن ان تحجب الاختلاف بين مقاييس الابعاد الصغيرة والكبيرة , القوى القوية والضعيفة , وبذلك تنتهي هذه النظريات الخمس المختلفة لأن تكون مرتبطة مع بعضها البعض.

المقاييس الصغيرة والكبيرة

يدعى تناظر الثنائية duality symmetry الذي يحجب قدرتنا على التمييز بين مقاييس الابعاد الصغيرة والكبيرة ب”ت- ثنائية”T-duality , وياتي تناظر الثنائية هذا تقريبا من ضغط الابعاد المكانية الإضافية 10 ابعاد وذلك ضمن نظرية تناظر فائق للأوتار الفائقة superstring theory.

لنفترض بأننا كنا ضمن فضاء (مكان – زمان) ذو عشرة ابعاد , وهذا يعني بأنه يوجد لدينا 9 فضاءات مكانية وفضاء زماني واحد.

لنأخذ احد هذه الابعاد المكانية التسعة ولنحوله إلى دائرة قطرها R, وبالتالي فإنه عند الانتقال ضمن ذاك الاتجاه لمسافة تساوي L=2pR فإن ذلك يجعلنا ندور حول الدائرة كلها ويعيدنا إلى المكان الذي انطلقنا منه.

إن اي جزيئة تنتقل حول هذه الدائرة سيكون لديها قوة دفع كمية quantized momentum حول هذه الدائرة, وهذا سوف يساهم في الطاقة الاجمالية للجزيء. أما بالنسبة للوتر string فإن الامر مختلف جدا, لأنه بالاضافة إلى الانتقال حول الدائرة , فإنه بإمكان الوتر الالتفاف حول الدائرة. إن عدد المرات التي يلتف فيها الوتر حول الدائرة يدعى برقم الالتفاف winding number, ولهذا الرقم قيمة ايضا.

الآن , فإن الشيء الغريب فيما يتعلق بنظرية الاوتار الفائقة يكمن في ان اوضاع القوة الدافعة momentum modes , واوضاع الالتفاف winding modes يمكن ان تتبدل وتتغاير, طالمنا نقوم نحن بتغيير قطر الدائرة R مع الكمية Lst2/R حيث ان Lst عبارة عن طول الوتر.

في حال كان القطر R اصغر بكثير من طول الوتر , عندها فإن الكمية Lst2/R ستكون كبيرة جدا.

وبالتالي فإن تغيير كل من انماط القوة الدافعة momentum modes , انماط الالتفاف winding modes للوتر سوف يبل مقاييس الابعاد الكبيرة بمقاييس ابعاد اصغر.

يدعلى هذا النوع من الثنائيات ب T-duality.

تربط T-duality النمط IIA (من نظريات التناظر الفائق للاوتار الفائقة superstring theory) بالنمط IIB (من نظريات التناظر الفائق للاوتار الفائقة superstring theory).

هذا يعني بأننا اذا اخذنا نظرية النمط IIA ونظرية النمط IIB وضغطنهما كليهما على دائرة , عندها فإن تبديل انماط القوة الدافعة وانماط الالتفاف , وتبديل مقاييس الابعاد, سوف ينقلنا من نظرية إلى اخرى! وذات الشيء صحيح فيما يخص نظريتي الهجين heteronic theories.

إذن , نجد بأن T-duality تحجب عنا الاختلاف بين المسافات الصغيرة والكبيرة. فما يبدو عبارة عن مسافة كبيرة جدا بالنسبة لانماط القوة الدافعة للوتر , يبدو في ذات الوقت عبارة عن مسافة صغيرة جدا بالنسبة لأنماط التفاف الوتر. هذا مخالف جدا للآلية التي عملت بها الفيزياء منذ ايام كيبلر ونيوتن.

القوى القوية والقوى الضعيفة

ماهو ثابت الاقتران؟ عبارة عن رقم يخبرنا عن قوة التفاعل.

إن ثابت نيوتن , هو عبارة عن ثابت الاقتران coupling constant الخاص بقوة الجاذبية, على سبيل المثال : في حال كان ثابت نيوتن ضعفي حجمه المعتبر الآن, لكنا شعرنا عندها بضعف قوة الجاذبية من الارض, والارض بدورها ستشعر بضغف قوة الجاذبية من القمر والشمس , …الخ.

إن القيم الكبيرة لثابت الاقتران coupling constant تعني قوى اكبر, والقيم الصغيرة لثابت الاقتران coupling constant تعني قوى اضعف.

تملك كل قوة ثابت اقتران coupling constant.

بالنسبة للقوى الكهرومغناطيسية , فإن ثابت الاقتران يتناسب طردا مع مربع الشحنة الكهربائية.

عندما درس الفيزيائيون سلوك الكم الخاص بالقوة الكهرومغناطيسية, لم يستطيعوا ان يحلوا النظرية بشكل تام , لذلك قاموا بتجزيئها إلى قطع اصغر , وبالتالي فإن كل قطعة صغيرة من النظرية – استطاعوا حلها – كان لها قوة مختلفة من ثابت الاقتران.

على مستوى الطاقات الطبيعية في القوى الكهرومغناطيسية, يكون ثابت الاقتران صغيرا, وبالتالي فإن القطع القليلة الصغيرة من النظرية بإمكانها ان تعطينا مقاربة جيدة للاجابة الحقيقية. اما في حال اصبح ثابت الاقتران كبيرا, عندها ستفشل تلك الطريقة المتبعة في الحساب, وستصبح تلك القطع الصغيرة من النظرية عديمة الفائدة في مقاربة الفيزياء الواقعية.

بإمكان نفس الشيء الحدوث في نظرية الاوتار الفائقة. تملك نظرية الاوتار الفائقة ثابت اقتران. ولكن بشكل مغاير لنظريات الجزيئات , فإن ثابت الاقتران في نظرية الاوتار الفائقة ليس مجرد رقم , ولكنه يعتمد على انماط تذبذب وتارجح oscillation modes الوتر, ويدعى بدليتون dilaton.

إن تبديل حقل الدليتون dilaton مع معكوس نفسه بالقيمة سوف يبدل قيمة كبيرة لثابت الاقتران بقيمة صغيرة جدا.

يدعى هذا التناظر ب S-duality. في حال كان هنالك نظريتان من نظريات الاوتار مرتبطتان مع بعضهما البعض عبر S-duality, عندها ستكون احد النظريتين (التي تملك ثابت اقتران قوي ) مشابه للنظرية الاخرى (التي تملك ثابت اقتران ضعيف).

لاحظ بأن النظرية التي تملك اقتران قوي لا يمكن فهمها, بينما النظرية التي تملك اقتران ضعيف يمكن فهما.

اذن في حال كان لدينا نظريتان مرتبطان عبر S-duality, عندها نحن بحاجة فقط لان نفهم النظرية الضعيفة, وهذا مكافئ لفهم النظرية القوية. بالنسبة للفيزيائيين , فهذا يمثل افضل تعبير عن المثل (2 مقابل 1).

نظريات الاوتار الفائقة المرتبطة عبر S-dualityهي التالية:

النمط I (نظرية التناظر الفائق للاوتار الفائقة superstring theory) مع النظرية الهجينة ذات التناظر الفائق للاوتار الفائقة heterotic SO(32) superstring theory, والنمط IIB مع نفسه.

ماذا يعني هذا ؟

T-duality عبارة عن شيء فريد بالنسبة لفيزياء الاوتار. فهو عبارة عن شيء ليس باستطاعة الجزيئات القيام به , لأنه ليس بإمكان الجزيء الالتفاف حول دائرة كما يفعل الوتر.

في حال كانت نظرية الاوتار الفائقة عبارةعن نظرية صحيحة للطبيعة , فهذا يؤدي إلى أنه على بعض المستويات العميقة, يكون الفصل بين مقاييس الابعاد الكبيرة مقابل الصغيرة ضمن الفيزياء ليس فصلا ثابتا , ولكنه فصل عائم, ويعتمد على نمط المسبار الذي نستخدمه في قياس المسافة.

نفس الشيء صحيح بالنسبة ل S-duality, الذي يعلمنا بأن حدود الاقتران القوي لاحد نظريات الاوتار الفائقة يمكن وصفه عبر حدود الاقتران الضعيف لنظرية اخرى من نظريات الاوتار الفائقة.

يبدوا هذا وكاننا نتجه باتجاه معاكس للفيزياء التقليدية, ولكنه يتضمن محتوى معقول فيما يخص نظرية الكم الخاصة بالجاذبية , لأن نظرية اينشتاين الخاصة بالجاذبية تخبرنا بأن الجاذبية تتعلق بكيفية قياس أحجام الأجسام وإحجام التفاعلات وذلك ضمن فضاء (مكاني – زماني ) منحني.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه السلسلة الشيقة والعلمية حول ” الاوتار الفائقة” . ارج وان تكونوا قد جنيتم الفائدة المرجوة من الموضوع, وعلى امل ان نلتقي في مواضيع اخرى فلكية في المستقبل القريب

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire